السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

رسالة ترحيب

الأحد، 14 يوليو 2019

القَنَاعة

ما هي القَنَاعة؟
عن أبي عبدِ الرَّحمنِ الحُبُليِّ عن عبدِ الله بنِ عمرٍو: أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: "قد أفلَح من أسلَم، ورُزِقَ كَفافاً  ، وقنَّعهُ  الله بما آتاهُ"... رواه مسلم
فما هي القَنَاعة التي تجعل لنا الفلاح؟
القناعة عند أهل العلم هي الرضا بالرزق دون خشية الفقر
* يقول أبو حازم : كيف أخاف الفقر ولمولاي ما في السموات وما في الأرض وما فيهما وما تحت الثَّرى
* ويقول أحد السَّلف العابدين
تَبَارَكَ اللَّهُ وسُبحانه
مَن جَهِلَ اللَّهَ فذَاكَ الفَقِيرُ 
مَن ذَا الَّذي تَلْزَمهُ فَاقَة 
وذُخْرُه اللَّه العَلِيّ الكَبير
*وقد قسَّم الإمام الماوردي مفهوم القناعة إلى ثلاثة أوجه فقال : 
"والقناعة قد تكون على ثلاثة أوجه: 
الوجه الأول: أن يقتنع بالبُلْغَةِ (1) من دُنياه ويصرف نفسَه عن التعرُّض لما سواه؛ وهذا أعلى منازل أهل القَنَاعة . 
ثم ذَكَر قول مالك ابن دينار: "أزهدُ الناس من لا تتجاوز رغبته من الدنيا بلْغته". 
الوجه الثاني: أن تنتهي به القناعة إلى الكفاية، ويحذف الفضول والزيادة. وهذا أوسط حال المقتنع
وذكر فيه قول بعضهم: "من رضي بالمقدور قنع بالميسور". 
الوجه الثالث: أن تنتهي به القناعة إلى الوقوف على ما سنح، فلا يكره ما أتاه وإن كان كثيرًا، ولا يطلب ما تعذَّر وإن كان يسيرا. وهذه الحال أدنى منازل أهل القناعة؛ لأنها مشتركة بين رغبة ورهبة
فأما الرغبة: فلأنه لا يكره الزيادة على الكفاية إذا سنحت
وأما الرهبة، فلأنه لا يطلب المتعذر عن نقصان المادة إذا تعذرت ...
*وعلى تقسيم الماوردي نجد أن  الزهد هو أعلى منازل القناعة وهو  رضا القلب بالقليل من الدنيا حتى وإن لم يكن كفاية ، والإنصراف عن باقي الدُّنيا ،فهو يرى أنه ليس في حاجة إليها
ويليه الوجه الثاني وهو القناعة بما يكفيني  دون طلب الزيادة 
أما الوجه الثالث فهو الرضا بالرزق الحلال قليله وكثيره  فهذا القانع لا يكره ما أتاه وإن كان كثيرًا، ولا يطلب ما تعذَّر وإن كان يسيرا، فهذا لا يمنع التاجر من تنمية تجارته، ولا يمنع  أن يضرب المسلم في الأرض يطلب رزقه ، فهذا ضروري ولابد منه. 
فالقناعة لا تمنع أن يملك العبد الذهب والفضة، ولا أن يمتلئ صندوقه بالمال، ولا أن تمسك يداه الملايين؛ وإنما القناعة ترفض أن يسيطر المال على صاحبة فلا يرى حق الله وحق الناس ، و ترفض أن يستخدم المرء وسائل الغش والنفاق ليكسب ، أو أن يتبرَّم الموظف من مرتبته ، أو من مهنته ،  أو يحسد المرء أخاه كارهاً له الخير
فليس القانع ذلك الذي يظل يشكو الرزق إلى الخَلْق، ولا الذي يتطلع إلى ما ليس له، ولا الذي يغضب ويظل ساخطا طالما لا ينال مايتمنى
-------------------------
(1) البُلْغَةُ : معناها : ما يكفي لسدّ الحاجة ولا يفضُل عنها
-------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا للاهتمام والمتابعة

اذهب لأعلى الصفحة