وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول " إني لا أحمل هم الإجابة ولكني أحمل هم الدعاء "
فعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال : سمِع رسول اللَّه صلَّى اللَّه علَيه وسلَّم رَجُلًا يدعُو في صلَاته لَم يُمجِّد اللَّه تَعَالى ، ولَم يُصَلّ علَى النّبِيّ صلَّى اللَّه علَيه وسلَّم، فقال رسول اللَّه صلَّى اللَّه علَيه وسلَّم: عَجِل هذا . ثُمَّ دَعَاه فقال لَه أو لِغَيره:" إِذَا صَلَّى أَحَدُكُم فَلْيَبْدَأ بِتَمْجِيدِ رَبِّه جَلّ وعَزّ ، والثَّنَاء عَليه ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيّ صلَّى اللَّه علَيه وسلَّم ، ثُمّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاء " ... رواه ابو داود وصححه الالباني
وهكذا من اللائق بجلال الله وعظمته أن تبدأ الدعاء بحمده تعالى وشكره، وذكر بعض أسمائه الحسنى وصفاته العلى، والاعتراف بين يديه سبحانه وتعالى بالفقر إليه، لتكون تمهيدا لسؤاله عز وجل ، فهو سبحانه يحب من عبده التذلل إليه، والاعتراف بعظيم نعمه وجليل فضله
يقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"أَتُحِبُّونَ أنْ تَجْتَهِدُوا في الدعاءِ قولوا اللهمَّ أَعِنَّا على شُكْرِكَ ، و ذكرِكَ، و حُسْنِ عِبادَتِكَ "السلسلة الصحيحة
ومن أمثلة الدعاء هو ذلك الدعاءُ العظيم الذي اشتملت عليه سورة الفاتحة
بدأت بالحمد: "الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ "
ثم تعظيم الله والاعتراف بفضله :"الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ* مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ*إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ"
ثم الدعاء:"اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ*صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ"
فهذا الدعاءُ العظيم مبدوءٌ بالثناء على الله وحمده وتمجيده ، مما هو سببٌ لقبوله، ومفتاحٌ لإجابته.
قال ابن القيم رحمه الله: ولما كان سؤال الله الهدايةَ إلى الصراط المستقيم أجلَّ المطالب،ونيلُه أشرفَ المواهب، علّم الله عبادَه كيفيةَ سؤاله، وأمرهم أن يقدِّموا بين يديه حمدَه والثناء عليه وتمجيدَه، ثمَّ ذكر عبوديتهم وتوحيدهم، فهاتان وسيلتان إلى مطلوبهم، توسلٌ إليه بأسمائه وصفاته، وتوسلٌ إليه بعبوديته، وهاتان الوسيلتان لا يكاد يُردُّ معهما الدعاء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكرا للاهتمام والمتابعة