**ورد عند القرطبي
(*) أمر تعالى بالصَّبر على الطّاعة وعن المخالفة في كتابه فقال واصبروا
يقال فُلان صَابر عن المعاصي وإذا صَبَر عن المعاصي فقد صبر على الطّاعة هذا أصَحّ ما قيل
قال النّحّاس ولا يُقال لمن صبَر على المصيبة صابر إنّما يُقال صَابر على كذا فإذا قُلت صابر مُطلقًا فهو على ما ذكرنا قال اللَّه تعالى:" إنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ"
(*) قوله تعالى : "وَالصَّلَاةِ" خصَّ الصّلاة بالذّكْر من بين سائر العبادات تنْويهًا بذِكْرها ، وكان صلَّى اللَّه عليه وسلَّم إِذا حَزَبه أمْر فَزَع إلى الصّلاة ومنه ما رُوِي أنّ عبد اللَّه بن عبّاس نُعِي له أخُوه قُثَمُ وقيل بِنْت له وهو في سفر فاسْتَرْجَع وقال : عَوْرة سَتَرها اللَّه ، ومُؤْنَة كَفاها اللَّه ، وَأَجْر سَاقَه اللَّه . ثُمَّ تَنَحَّى عن الطّريق وصلَّى ثُمَّ انصرف إِلى راحلته وَهُوَ يَقْرَأُ : "وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ "
(*)وصف اللَّه تعالى جزاء الأعمال وجعل لها نهاية وحدًّا فقال من جاء بالحسنة فله عشْر أمثالها وجعل جزاء الصّدقة في سبيل اللَّه فوْق هذا "فَقَالَ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ ..الْآيَةَ"
وجعل أجْر الصّابِرين بغير حساب ومدح أهله فقال: " إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ" وقال "وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ"
(*) من فضْل الصّبر وصَف اللَّه تعالى نفسه به كما في حديث أبِي موسى عن النّبيّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال :"لَيْسَ أَحَدٌ (أَوْ لَيْسَ شَيْءٌ) أَصْبَرَ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّهُمْ لَيَدْعُونَ لَهُ وَلَدًا ، وَإِنَّهُ لَيُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ "أخرجه البخاريّ
قال عُلماؤنا وصْف اللَّه تعالى بالصَّبْر إنّما هو بمعنى الحِلْم ومعنى وَصْفه تعالى بالحلم هو تأْخِير العُقُوبة عن المسْتحِقِّين لها ووصْفُه تعالى بالصّبر لَمْ يرد في التّنزيل وإِنّما وَرَد في حديث أبي موسى وتأَوّله أهل السُّنَّة على تأويل الْحِلم قاله ابن فورك وغَيره وجاء في أسْمائه " الصَّبُور " للمبالغة في الحِلْم عمّن عصاه
(*)قوله تعالى : "عَلَى الْخَاشِعِينَ"
الخاشعون جَمع خَاشع ، وهو المتواضع ، والخُشوع هيْئة في النّفس يَظهر منها في الجوَارح سكون وتواضع
وقال قتادة الخشوع في القلب وهو الخوْف وغضّ البَصَر في الصّلاة
قال سفيان الثّوريّ سألت الأعمش عن الخشوع فقال: يا ثوْريّ أَنت تريد أن تكون إماما للنَّاس ولا تعرف الخُشوع سألْت إبراهيم النّخعيّ عن الخشوع فقال :أُعَيْمِشُ ترِيد أن تَكُون إمامًا للنَّاس ولا تعرف الخشوع .. ليس الخشوع بأكل الخشن ولبس الخشِن وتطأطؤ الرّأس لكنّ الخشوع أن ترى الشَّريف والدَّنِيء في الحَقّ سَوَاء وتخشع لِلَّه في كلّ فرض افتُرض عليْك
* قُلت : هذا هو الخُشوع المحمود ؛ لِأنّ الخوف إذا سكن القلب أوْجب خشوع الظّاهر فلا يمْلِك صاحبه دَفْعه فتراه مطْرقًا متأَدّبًا متذلّلًا وقد كان السّلَف يجتهدون في سَتر ما يظهر من ذلك
وأمّا المذموم فتكلُّفُه والتّباكي ومُطأْطأة الرّأس كما يفعله الجُهّال ليُرَوا بعَين البِرّ والإِجْلال وذلك خَدْع من الشّيطان وتسْويل من نفس الإنسان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكرا للاهتمام والمتابعة