السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

رسالة ترحيب

الاثنين، 30 سبتمبر 2019

فإذا ضُيِّعَتِ الأَمانَةُ فانْتَظِرِ السَّاعَةَ

 عن عَطاء بن يَسار عن أَبي هُريرة، قال: بَيْنَما النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مَجْلِس يُحَدِّثُ القَوْم، جاءَهُ أَعْرابِيٌّ فقال: مَتَى السَّاعَةُ؟ فمَضَى رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُحَدِّثُ ، فقال بَعْض القَوْم: سَمِعَ ما قالَ فَكَرِه ما قال. وقال بعضُهُم: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ. حتَّى إذا قَضَى حَدِيثَهُ قال: "أَيْنَ - أُراهُ - السَّائِلُ عن السَّاعَةِ؟". قال: ها أَنا يا رَسُول اللَّه. قال: "فإذا ضُيِّعَتِ الأَمانَةُ فانْتَظِرِ السَّاعَةَ". قالَ: كَيْفَ إِضاعَتُها؟ قالَ: "إذا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلى غَيْرِ أَهْلِهِ فانْتَظِرِ السَّاعَةَ"... رواه البخاري
* وعن الأعمش، عن زَيد بن وَهب عن حُذيْفة قال: حدَّثنا رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حديثَيْن، رأَيْتُ أحَدَهُما وأنَا أنتَظِر الآخَر، حدَّثَنا: "أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ". وحَدَّثَنَا عَن رَفْعِهَا قال: "يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ، فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الْوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى أَثَرُهَا مِثْلَ الْمَجْلِ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ، فَلَا يَكَادُ أَحَدٌ  يُؤَدِّي الأَمَانَةَ، فَيُقَالُ: إِنَّ فِي بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أَمِينًا، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا أَعْقَلَهُ! وَمَا أَظْرَفَهُ! وَمَا أَجْلَدَهُ! وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ". ولَقَد أَتَى عَلَيَّ زَمَان ومَا  أُبَالِي أَيَّكُمْ بَايَعْتُ، لَئن  كان مُسْلِمًا رَدَّهُ الإِسْلَام  وإِنْ كَان نَصْرَانِيًّا رَدَّهُ عَلَيَّ سَاعِيه، فأَمَّا اليَوْم فمَا كُنْتُ أُبَايِعُ إِلَّا فُلَانًا وفُلَانًا"... رواه البخاري
===========
بدأ الإسلام مع صحابة رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقد استقر في قلوبهم مما جعلهم يأخذون ما أنزل إليهم في الكتاب والسُّنة ، فكان إيمانُهم المستقر في قلوبهم  هو السَّببَ في الأخذِ بِالقرآنِ والسُّنَّةِ ، فكانت الأمانة في حياتهم أساسية وتلقائية فلا ترى الشك في فلان ، لأن إسلامه سيردعه ، ولكن للأسف وبالتدريج على مر الزمن بدأت تلك الأمانة تختفي لتسَرُّب الإيمان من قلوب الناس فلا يبقى منه سوى اليسير ، ثم يختفي من القلوب ولا يبقى سوى كلمات معروفة ومحفوظة دون العمل بها فتنتهي الأمانة من بينهم  ، لدرجة أن المؤتَمَن  يكون معروفا بالإسم من بين الناس وهذا ما ذكره رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حديثه 
* وفي هذا الحديث يُخبرنا الصحابي الجليل حُذيفة رضي اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قدْ حدَّثَهم بحَديثينِ تحقَّقَ أحدُهما في زَمانِهم أمَّا الأمرُ الآخَرُ الَّذي لم يقعْ وكان ينتظرُ وقوعَه، فهو رفْعُ الأمانةِ من قلوب الرِّجال، بمعنى  أنَّ الرَّجل ينام فيقوم وقد رُفِع  الإيمان من قلبه ولم يبق منه سوى أثره ، ثُمّ ينام الرَّجل فيقوم وقد نُزعَ الإيمان وأثرُه من قلبه فلم يتبقَّ من أثَرِه  شيء، فيصبحُ النَّاس، أي: يَدْخُلون في الصَّباح يَتبايعون، ويتعاهدون  ولا يكاد أحد يُؤدِّي الأمانةَ، بل يَظهر مِن كلِّ أَحَد منهمُ الخيانة في الْمُبايعة والْمُواعدة والْمُعاهَدة، فَيُقالُ مِن قِلَّة الأمانةِ: إنَّ في بني فلانٍ رجلًا أمينًا.
و قد أخْبَرنا حُذيفةُ بوقوع ذلك، وأنَّه أتَى عليه زَمان وما يُبالي أيَّ الناس يعامَلَ بيعًا وشِراءً؛ لوجود الأمانة ، فأمَّا اليوم : فما يبايع إلَّا فلانًا وفلانًا، إشارةً منه إلى أنَّ الأمانةَ قدْ ذهبَتْ من الناسِ؛ فلا يُؤتمَن على البيع والشِّراء إلَّا القليل؛ لعدم وجود الأمانة .
-----------------
الجَذْر: الأصلُ من كل شيء، وأصل اللسان جذرُه وكذلك قوله "إنَّ الأمانةَ نزلت في جَذْرِ قلوب الرجال"...ابن الصلاح
الوَكْتَة: الأثرُ اليسيرُ كالنقطة
المَجْلُ: نَفْط يظهرُ في اليد من عملٍ بفأس أو غيرِه، يقال: مَجَلت يدُه تَمجَلُ إذا نفِطَت، ومُجِلت تُمجَل أيضاً مجلاً....ابن الصلاح 
منتبراً:أي مُتَنفِّطاً عالياً ، وكلُّ شيء رفع شيئاً فقد نبرَه، ومنه سُمِّي المِنبرُ لارتفاعه ورَفعه
 ليَرُدَّنه عليَّ ساعيه: أي: رئيسُه الذي يحكم لي عليه وينصفني منه، وكل من ولِيَ شيئاً على قوم فهو ساعٍ عليهم، ومنه سمّي عاملُ الصدقات ساعياً؛ لأنه قد وَلِيَ ذلك الأمر.... ابن الصلاح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا للاهتمام والمتابعة

اذهب لأعلى الصفحة