السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

رسالة ترحيب

الثلاثاء، 20 يونيو 2023

ما هي قصة سرقة القرَامِطَة للحَجَر الأَسْوَد ؟

عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي  صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال : " نزلَ الحجرُ الأسوَدُ منَ الجنَّةِ وَهوَ أشدُّ بياضًا منَ اللَّبنِ فسَوَّدَتهُ خطايا بَني آدمَ " .... صحيح الترمذي للألباني
ملأت خطايا البشر بياض الحجر سوادا ، فهو شاهد على أصحاب الخطايا الذين أتوا بها  لبيت الله  نادمين عليها ، راجين أن يضعها المولى عن كاهلهم ، آملين رحمته و مغفرته  
** زوار البيت:
 وعندما يزور الحجيج والمعتمرين والزائرين الكعبة المشرفة يقبِّلون الحجر الأسود اقتداءا برسول الله صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ، و من لم يستطيع الوصول إليه فيسلم من بعيد ليبدأ الطواف بل ويبدأ به كل شوط من الطواف ، فلا يمر أحد على الحجر إلا قبّله أو ومسحه بيده أو  وسلّم عليه برفع يديه ، كلٌ حسب استطاعته  
** أسوأ ما شهدته الكعبة  من خطايا البشر
في أحد مواسم الحج جاء قوم بخطاياهم للحرم ، ولكن ليس لطلب المغفرة ، و إنما  ليفجروا  بها في بيت الله ، وقد كان هؤلاء هم القرامطة 
فلم تشهد الكعبة وحجرها الأسود الشريف أفجر من القرامطة حيث اجتمع رأس القرامطة في بغداد : مَنْصور الدَّيْلِمِيُ ورأس القرامطة في البحرين : أَبُو طَاهِر القَرْمَطِيُّ يملأهما غلًّا وحقدا لا مثيل له ، ولم يتجرأ مثلهم على تلك الأفاعيل من قتل ونهب في الأشهر الحرم و بجوار الكعبة المشرفة
وقد اكتملت أفعالهم القبيحة  بخلع الحجر الأسود وسرقته   من الكعبة وأخذه لبلادهم 
وقد كان ذلك في موسم الحج عام 317 هـ ، ولم يرجع للكعبة الشريفة إلا عام   393 هـ  ، فما هي القصة ؟
**  قصة سرقة القرَامِطَة للحَجَر الْأَسْوَد :
(*) القصة كما وردت في كتاب البداية والنهاية لابن كثير: 
* خرج ركب العراق وأميرهم مَنْصُور الدَّيْلَمِي فوصلوا إلى مكَّة سالمين، وتَوَافَت الركوب هناك من كل مكان وجانب وفج، فما شَعَرُوا إلَّا بِالقِرْمِطِي قد خرج عليهِم في جماعته يوم التَرْوِيَة، فانْتَهَب أموالَهُم واسْتَباح قتالهم، فقتل في رحاب مكة وشعابها وفي المسجد الحرام وفي جوف الكعبة من الحجاج خلقاً كثيراً، وجلس أميرهم أبو طاهر (لَعْنَه اللَّه) على باب الكعبة، والرِّجَال تُصْرَع حوله ، والسيوف تعمل في النَّاس في المسجد الحرام في الشهر الحرام فِي يَوْمِ التَّرْوِيَة ، الَّذي هُوَ مِنْ أَشْرَف الأيام ، وهو يقول: إنا الله وبالله ، أنا أنا أخلق الخلق وأفنيهم أنا.
فكان الناس يفرون منهم فيتعَلَّقُون بأَسْتار الكَعبة فَلَا يُجْدِي ذلك عنهم شَيْئًا.
بَلْ يُقْتَلُون وهُمْ كذلك ، ويَطُوفُون فيُقْتَلُون في الطَّوَاف ، وقد  كان بَعْض أَهْل الحَدِيث يومئِذٍ يَطُوف ، فَلَمَّا قَضَى طَوَافَهُ أخَذَتْهُ السُّيوف، فلَمَّا وجَبَ أَنْشَد وهو كذلك :
 تَرَى الْمُحِبِّين صَرْعَى فِي دِيَارِهِمُ *** كَفِتْيَة الكَهْفِ لَا يَدْرُونَ كم لبثوا 
فلما قضى القرمطي ( لعنه الله) أمره وفعل ما فعل بالحجيج من الأفاعيل القبيحة، أمر أن تُدفن القتلى في بئر زمزم ، ودُفن كثيراً منهم في أماكنهم من الحرم، وفي المسجد الحرام.
ويا حَبَّذا تلْك القِتْلَة وتلك الضجعة، وذلك المدفن والمكان، ومع هذا لم يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُكَفَّنُوا وَلَمْ يصلِّ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ مُحْرِمُون شهداء في نفس الأمر.
* وهَدَم قُبَّة زَمْزم وأَمَر بِقَلْع باب الكَعْبَة ونَزَع كسْوَتَها عنها، وشَقَّقَها بَيْن أصْحَابه ، وأَمَرَ رجلاً أن يصعد إلى ميزاب الكعبة فيقتلعه ، فسقط على أم رأسه فمات إلى النار.
فعند ذلك انكف الخبيث عن المِيزَاب، ثُمَّ أَمَرَ بِأَنْ يُقْلَعَ الحَجَر الأسود فجاءه رجل فضربه بِمُثْقَل فِي يَدِه وقال : أَيْنَ الطَّيْرُ الْأَبَابِيل ، أَيْنَ الحِجَارَة مِنْ سِجِّيل ؟ 
ثُمَّ قَلَعَ الحَجَر الأسود وأخذوه حين راحوا معهم إلى بلادهم ، فمكث عِنْدَهُمْ ثِنْتَيْن وعِشْرِين سَنَة حتّى رَدُّوه 
* ولمَّا رجع القرمطي إلى بلاده ومعه الحجر الأسود ، تبعه أَمِيرُ مَكَّةَ  هُوَ وأَهل بَيْتِه وجُنْدُه ، وسَألَه وتشفَّع إليه أن يردّ الحجر الأسود لِيُوضَع في مَكَانه، وبَذَلَ لَهُ جميع ما عنده من الأموال فلم يلتفت إليه ، فقاتَلَهُ أَمِير مَكَّة فقَتَلَهُ القِرْمِطِيُّ وقَتَلَ أَكْثَر أهل بيته، وأهل مكة وجنده  واستمر ذاهباً إلى بلاده ومعه الحجر وأَمْوَال الحَجِيجِ
* وقد أَلْحَدَ هذَا اللَّعِين فِي المسجد الحرام إلحاداً لم يسبقه إليه أحدا ولا يلحقه فيه، وسيجازيه عَلَى ذلِك الَّذي لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ، وَلَا يَوْثِقُ وِثَاقَهُ أَحَدٌ.
* وإنَّما حَمَلَ هؤلَاء على هذا الصنيع أنهم كفار زنَادِقَة، وقد كانوا مُمَالِئِين للفاطِمِيِّين الَّذين نَبَغُوا في هذه السنة ببلاد إفريقية من أرض المغرب، ويلقب أميرهم بِالمَهْدِي، وهو أبو مُحَمَّد عَبِيد اللَّه بن ميمون القداح
وقد كان صباغاً بسلمية، وكان يهودياً فادعى أنه أسلم ثم سافر من سلمية فدخل بلَاد إفرِيقيَّة، فادَّعَى أَنَّهُ شَرِيف فاطِمِيٌّ، فصَدَّقَهُ عَلَى ذَلِك طائِفة كثيرة مِن البَرْبَر وغيرهم مِن الجَهَلَة ، وصارت له دَوْلَة ، فمَلَكَ مدينة سِجِلْمَاسَةَ، ثُمَّ ابْتَنَى مَدِينَة وسَمَّاها المَهْدِيَّة، وكان قَرار مُلْكِه بها، وكان هَؤُلَاء القَرامِطة يُرَاسِلونه ويَدْعُون إليه، ويتَرَامَوْن عَلَيْه، ويُقَال إنَّهُم إنَّما كانُوا يفعَلُون ذلك سِيَاسة ودَوْلة لَا حَقِيقَة لَهُ
* وذكر ابن الْأَثِير أَنَّ المَهْدِي هذا كتب إلى أبي طاهر يلومه على ما فعل بمكة حيث سلط الناس على الكلام فيهم، وانْكَشَفَت أسْرَارُهم الَّتي كانوا يُبْطِنُونها بما ظَهَر مِن صَنِيعِهِم هذا القَبيح، وأمَرَهُ بِرَدِّ ما أخَذَه منها، وعَوْدِهِ إلَيْها.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِالسَّمْعِ والطَّاعَة، وأَنَّهُ قَدْ قَبِلَ ما أَشَار إِلَيْه مِن ذَلِك  
.... البداية والنهاية لابن كثير
===========
(*) و كما وردت  في كتاب الكامل لابن الأثير: 
 حج بالناس في هذه السَّنة مَنْصور الدَّيْلِمِيُ ، وسار بهم من بغداذ إلى مكة، فسلموا في الطريق، فوافاهم أَبُو طَاهِر القَرْمَطِيُّ بمَكَّة يَوْم التَّروِية ، فنهب هو وأصحابه أموال الحجاج، وقتلوهم حتى في المسجد الحرام وفي البيت نفسه، وقلع الحجر الأسود ونَفَّذَه إلى هَجَر ، فخرج إليه ابن محلب، أمير مكة، في جماعة من الأشراف، فسألوه في أموالهم، فلم يشفعهم، فقاتلوه، فقتلهم أجمعين، وقلع باب البيت، وأصعد رجلا ليقلع الميزاب فسقط فمات، وطرح القتلى في بئر زمزم ودفن الباقين في المسجد الحرام حيث قتلوا بغير كفن ولا غسل، ولا صلى على أحد منهم، وأخذ كسوة البيت فقسمها بين أصحابه، ونهب دور أهل مكة 
........ كتاب الكامل لابن الأثير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا للاهتمام والمتابعة

اذهب لأعلى الصفحة