وكان الله قد أطال أعمارهم حتى إن كان أحدهم يبني البيت من فينهدم وهو حيّ فلمّا رؤوا ذلك اتخذوا من الجبال بيوتا فارهين فنحتوها
"وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ "سورة الحجر
فبعث الله فيهم رجلا منهم وهونبي الله : صالح بن عبيد بن ماسح بن عبيد بن حادر بن ثمود بن عاثر بن ارم بن نوح ودعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ولا يشركوا به شيئا
فلم يتبعه منهم إلا قليل مستضعفون فلما ألح عليهم بالدّعاء والتحذير والتخويف سألوه فقالوا: يا صالح اخرج معنا إلى عيدنا
وكان لهم عيد يخرجون إليه بأصنامهم فأرنا آية فتدعو إلهك وندعو آلهتنا فإن استجيب لك اتبعناك وإن استجيب لنا اتبعتنا فقال: نعم فخرجوا بأصنامهم وصالح معهم فدعوا أصنامهم أن لا يستجاب لصالح ما يدعو به وقال له سيّد قومه: يا صالح أخرج لنا من هذه الصخرة ناقة جوفاء عشراء فإن فعلت ذلك صدّقناك
فأخذ عليهم المواثيق بذلك وأتى الصخرة وصلّى ودعا ربّه عز وجل فإذا هي تتمخض كما تتمخض الحامل ثم انفجرت وخرجت من وسطها الناقة كما طلبوا فآمن به سيد قومه واسمه جندع بن عمرو ورهط من قومه فلما خرجت الناقة قال لهم صالح: " قَالَ هَٰذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ" سورة الشعراء
وأكد لهم أنهم اذا ذبحوها أهلكهم الله
فكان شربها يومًا وشربهم يومًا معلومًا فإذا كان يوم شربها خلّوا بينها وبين الماء وحلبوا لبنها وملؤوا كلّ وعاء وإناء وإذا كان يوم شربهم صرفوها عن الماء فلم تشرب منه شيءًا وتزوّدوا من الماء للغد
ذكر ابن جرير وغيره من علماء المفسرين: أن امرأتين من ثمود اسم إحداهما "صدوقة" ابنة المحيا بن زهير بن المختار. وكانت ذات حسب ومال، وكانت تحت رجل من أسلم ففارقته، فدعت ابن عم لها يقال له "مصرع" بن مهرج بن المحيا، وعرضت عليه نفسها إن هو عقر الناقة. واسم الأخرى "عنيزة" بنت غنيم بن مجلز، وتكنى أم عثمان وكانت عجوزا كافرة، لها بنات من زوجها ذؤاب بن عمرو أحد الرؤساء، فعرضت بناتها الأربع على قدار بن سالف، إن هو عقر الناقة فله أي بناتها شاء، فانتدب هذان الشابان لعقرها وسعوا في قومهم بذلك، فاستجاب لهم سبعة آخرون فصاروا تسعة
"وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ*قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ*وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ*فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ*فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ*وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ"سورة النمل
فانطلقوا يرصدون الناقة، فلما صدرت من وردها رماها قداربن سالف بسهم
فانتظم عظم ساقها، فشد عليها بالسيف فكشف عن عرقوبها فخرت ساقطة إلى الأرض ورغت رغاة واحدة عظيمة تحذر ولدها، ثم طعن في لبتها فنحرها، وانطلق ولدها فصعد جبلا منيعا ورغا ثلاثا. وكان قتلها يوم الأربعاء وكان هلاكهم يوم الأحدفلمّا قتلت أتى رجل منهم صالحًا فقال: أدرك الناقة فقد عقروها فأقبل وخرجوا يتلقّونه يعتذرون إليه: يا نبيّ الله إنما عقرها فلان إنّه لا ذنب لنا قال: انظروا هل تدركون فصيلها فإن أدركتموه فعسى الله أن يرفع عنكم العذاب فخرجوا يطلبونه ولم يدركوه فقال صالح:"تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ۖ ذَٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ" سورة هود
وآية العذاب أن وجوهكم تصبح في اليوم الأول مصفرة وتصبح في اليوم الثاني محمرّة وتصبح في اليوم الثالث مسودة
فلما أصبحوا إذا وجوههم كأنما طليت بالخلوق صغيرهم وكبيرهم فلمّا أصبحوا في اليوم الثاني إذا وجوههم محمرّة فلما أصبحوا في اليوم الثالث إذا وجوههم مسودّة كأنما طليت بالقار فتكفّنوا وتحنّطوا وكان حنوطهم الصبر والمر وكانت أكفانهم الأنطاع ثمّ ألقوا أنفسهم إلى الأرض فجعلوا يقلبّون أبصارهم إلى السماء والأرض لا يدرون من أين يأتيهم العذاب فلمّا أصبحوا في اليوم الرابع أتتهم صيحة من السماء فيها صوت كالصاعقة فتقطّعت قلوبهم في صدورهم فأصبحوا في دارهم جثثا لا أرواح فيها
"وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ*كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا ۗ أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ ۗ أَلَا بُعْدًا لِّثَمُودَ" سورة هود
وخاطب صالح عليه السلام قومه بعد هلاكهم كما فى قوله تعالى: "فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَٰكِن لَّا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ " سورة الأعراف
وأهلك الله من كان بين المشارق والمغارب منهم إلا رجلًا كان في الحرم فمنعه الحرم
وأمّا صالح فإنّه سار إلى الشام فنزل فلسطين ثمّ انتقل إلى مكة فأقام بها يعبد الله حتى مات وهو ابن ثمان وخمسين سنة وكان قد أقام في قومه يدعوهم عشرين سنة
وأمّا صالح فإنّه سار إلى الشام فنزل فلسطين ثمّ انتقل إلى مكة فأقام بها يعبد الله حتى مات وهو ابن ثمان وخمسين سنة وكان قد أقام في قومه يدعوهم عشرين سنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكرا للاهتمام والمتابعة