السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

رسالة ترحيب

الخميس، 21 مايو 2020

سجود السهو وأسبابه

من رحمة الله بالمُصلِّين أن أعطاهم  الفرصة   ليجبر لهم مايحدث في صلاتهم من بعض الزَّلل نتيجة السَّهو  أو السَرَحان وعدم التركيز الذي يزرعه ابليس في بعض المُصَلِّين فلا أقل من السجود والعودة بين يدي الله  للخضوع له، ولنعتبرها انتقاماً  من الشيطان الرجيم الذي أراد أن يضيع الصلاة و أجرها ،فكلما ازددت خشوعا لله في السجدتين زاد انتقامك من ابليس اللعين ربما يَئِسَ منّا وتركنا كلما رآنا نزداد خضوعا لله 
وقد أرشدنا المَوْلَى عز وجل على يد حبيبه النبيّ الكريم صلى الله عليه وسلم ونبَّهنا إلى هاتين السجدتين 
فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" إنَّ أحدَكم إذا قامَ يصلِّي جاءهُ الشَّيطانُ فلبَّسَ عليهِ . حتَّى لا يدريَ كم صلَّى . فإذا وجدَ ذلكَ أحدُكُمْ ، فليسجُدْ سجدتينِ وهوَ جالسٌ " رواه مسلم
سُجود السَّهو
هما سجدتان   يزيدهما المُصلّي في نهاية صَلاتِه لما حدث في الصلاة من زيادة أو نقص  نتيجة الغَفْلة أو النِّسيان
وسجود السَّهو يشتمل في كيفيته على :  النِّية، والسجدة الأولى، والثانية، والجلوس بينهما، والتسليم  ، التكبير والتَشَهُّد ولكن اختلف العلماء عليها مابين الوجوب و السُنّة 
* سجود السهو عند المذاهب الأربعة
 **رأي الحنفية : سجود السَّهو هو عبارة عن أن يسجد المُصَلِّي سَجدتيْن بعد أن يسلِّم عن يمينه فقط ،  إذا سلَّم التسليمتين فقد سَقط سجود السَّهو عنه على الصحيح، فإن فعل ذلك عَمْداً فإنه يأثم بتَرْك الواجب، وإن سلَّم التسليمتين سَهواً فقد سقط عنه سجود السَّهو، ولا إثم عليه، كما لا إعادة لسجود السَّهو مرة أخرى، لأن نِسيان سجود السَّهو يسقطه، وكذا إذا تكلم بكلام أجنبي عن الصلاة عمداً أو سهواً، فإن فعل ذلك سقط عنه سجود السَّهو
*ولا يجب السَّجود إذا ترك الواجب عَمْداً أو ترك رُكناً من أركان الصلاة أو نحو ذلك عمداً، وإن ترك الرُّكن عَمداً بَطلت صَلاته، ولا يجبره سجود السَّهو ،فسجود السَّهو  لا يكون إلا عند السَّهو، وليس التَعَمُّد
*  سجود السَّهو لا تجب له نِيَّة، وذلك لأنه قد جيء به لجبر نقص واجب من صلاته، أو لجَبْر خلل وقع فيها ثم أصلحه، والنِيَّة لا تجب لكل جزء من أجزاء الصلاة، فسجود السهو لا تجب له النِيَّة
* فإذا سلَّم المصلي  من صلاته عن يمينه :كَبَّر وسَجد  سجدتي السَّهو، ويسلِّم بعد التشهد، فإن لم يتشهَّد يكون تاركاً للواجب، وتصح صلاته
التسليم في سجود السهو واجب بحيث لو تركه يصح السجود مع الإثم
** رأي الحنابلةسجود السهو هو أن يُكبِّر ويسجد سجدتين، وهذا القدر متفق عليه، ويجوز أن يكون قبل التسليم أوبعده بحسب السبب
* ويقول الحنابلة: الأفضل أن يكون سجود السهو قبل التسليم مطلقاً إلا في صورتين: 
إحداهما: أن يسجد لنقص ركعة فأكثر في صلاته، فإنه يأتي بالنقص ثم يسجد بعد التسليم؛ 
ثانيتهما: أن يشك الإمام في شيء من صلاته، ثم يبني على غالب ظنه، فإن الأفضل في هذه الحالة أيضاً أن يسجد بعد السلام، ويكفيه لجميع سهوه سجدتان، وإن تعدد موجبه، وإذا اجتمع سجود قبلي وبعدي رجح القبلي
*و إن كان السجود بعدياً فإنه يأتي بالتشهد قبل التسليم، وإذا كان قبلياً لا يأتي بالتشهد في سجود السهو اكتفاء بالتشهد الذي قبله مثل الشافعية
**رأي المالكية سجود السهو سجدتان يتشهَّد بعدهما بدون دعاء وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن كان سجود السهو بعد السلام، فإنه يسجد ويتشهد ويعيد التسليم وجوباً، فإن لم يعده فلا تبطل صلاته، 
*إن كان سُجود السَّهو نقصاً فقط أو نقصاً وزيادة، فإن محلّه يكون قبل التسليم، فعليه أن ينتظر، حتى يتشهد التشهد الأخير،ويصلِّي على النبي ويدعو ثم يسجد سجدتي السهو  يتشهد فيهما والتشهُّد فيهما سُنَّة، ولا يُصلِّي على النبيّ في تشهُّده، ولا يدعو ثم يسلِّم
*وإن كان سببه الزيادة فقط :سجد بعد التسليم ، وينوي وجوباً للسجود البعدي، ويُكَبِّر في خفضه ورفعه، ويسجد سجدتين جالساً بينهما، ويتشهد استناناً، ولا يدعو ولا يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسلم
* ثم إن سُجود السَّهو عند المالكية إذا كان قبل التسليم فلا يحتاج إلى نِيَّة، لأن  نِيَّة الصَّلاة تكفي لكونه بمنزلة جزء من الصَّلاة عندهم، أما إن كان بعد السلام فإنه يحتاج لنِيَّة لكَوْنه خارجاً عن الصَّلاة
**رأي الشافعية : سجود السهو هو أن يأتي المُصلِّي بسجدتين كسجود الصلاة قبل التسليم، وبعد التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم  بنِيّة
*وتكون النِيّة بقلبه لا بلسانه، لأنه إن تلفظ بها بطلت صلاته، لأنك قد عرفت أن سجود السهو عندهم لا يكون إلا قبل التسليم من الصلاة، فإذا تكلم بطلت صلاته طبعاً، وإذا سجد بدون نِيَّة عامداً عالماً بطلت صلاته، وإنما تشترط النية للإمام والمنفرد، أما المأموم فإنه لا يحتاج للنِيَّة اكتفاء بنية الاقتداء بإمامه، *ولا يلزم عند الشافعية أن يكون ذلك السُّجود بسبب السَّهو، بل يكون بترك جزء من الصَّلاة  عَمْداً أو سَهواً، وإنما سمي سجود السَّهو، لأن الغالب أن الإنسان لا يترك بعض صلاته عمداً، وإذا كان سببه السَّهو يحسن أن يقول في سجوده: سبحان الذي لا ينام ولا يسهو، أما إذا كان عَمداً، فيحسن أن يستغفر الله في سجوده 
*و إن كان السُّجود بَعْديّاً فإنه يأتي بالتشهُّد قبل التسليم، وإذا كان قَبليّاً لا يأتي بالتشهُّد في سجود السَّهو اكتفاء بالتشهُّد الذي قَبْله
* لابد من التسليم بعد السجدتين 
*أسباب سجود السهو
لم يختلف العلماء على أن أي زيادة أو نقص بدون تعمد في الصلاة يستدعي سجود السهو ، ولكن كان الخلاف على توقيت سجود السهو مابين قبل التسليم أو بعد التسليم
وقد سُئِل فضيلة الشيخ ابن عُثيمين رحمه الله تعالى عن أسباب سجود السهو ، فأجاب فضيلته بقوله :
سجود السهو في الصلاة أسبابه في الجملة ثلاثة :
الزيادة والنقص والشك
أولا : الزيادة .
فالزيادة : مثل أن يزيد الإنسان ركوعاً أو سجوداً ، أو قياما أو قعودا ً.
إذا زاد ذلك ناسياً فإن صلاته لا تبطل ، ولكنه يسجد للسهو بعد السلام .
ودليل ذلك حديث أبي هريرة   رضي الله عنه   حين سلَّم النبي صلى الله عليه وسلم من الرَّكعتين في إحدى صلاتي العشي ، إما الظُّهر وإما العصر ، فلما ذَكَّروه أتى صلى الله عليه وسلم بما بقى من صلاته ، ثم سلَّم ، ثم سجد سجدتين بعدما سلَّم .  رواه البخاري
وحديث ابن مسعود   رضي الله عنه   أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر خمساً ، فلما انصرف قيل له : أزيد في الصلاة ؟
قال : وما ذاك ؟
قالوا : صليت خمساً !!
فثنى رجليه واستقبل القبلة ، وسجد سجدتين  رواه البخاري ومسلم .
ثانيا : النقص .
والنقص : مثل أن ينقص الإنسان ركنا ً، أو ينقص واجباً من واجبات الصلاة .
فإن نقص الإنسان ركناً من أركان الصلاة :
1)إما أن يذكره قبل أن يصل إلى موضعه من الركعة الثانية ؛ فحينئذ يلزمه أن يرجع فيأتي بالركن وبما بعده 
مثال ذلك :
رجل قام حين سجد السجدة الأولى من الركعة الأولى ، ولم يجلس ، ولم يسجد السجدة الثانية ، ولما شرع في القراءة ذكر أنه لم يسجد ولم يجلس بين السجدتين ، فحينئذ يرجع ويجلس بين السجدتين ، ثم يسجد ، ثم يقوم فيأتي بما بقى من صلاته ، ويسجد السهو بعد السلام
2)وإما أن لا يذكره إلا حين يصل إلى موضعه من الركعة الثانية ، وحينئذ تكون الركعة الثانية بدلاً عن التي ترك ركناً منها فيأتي بدلها بركعة ، 
ومثال ذلك : أنه قام من السجدة الأولى في الركعة الأولى ، ولم يسجد السجدة الثانية ، ولم يجلس بين السجدتين ، ولكنه لم يذكر إلا حين جلس بين السجدتين في الركعة الثانية . ففي هذه الحال تكون الركعة الثانية هي الركعة الأولى ، ويزيد ركعة في صلاته ، ويسلم ثم يسجد للسهو .
وفي هاتين الحالين يسجد بعد السلام .
أما نقص واجبا من واجبات الصلاة :
فإذا نقص واجباً وانتقل من موضعه إلى الموضع الذي يليه ، مثل : أن ينسى قول : سبحان ربي الأعلى ، ولم يذكر إلا بعد أن رفع من السجود ، فهذا قد ترك واجباً من الواجبات الصلاة سهواً ؛ فيمضي في صلاته ، ويسجد للسهو قبل السلام ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ترك التشهد الأول مضى في صلاته ولم يرجع وسجد للسهو قبل السلام .
ثالثا: الشك .
وأما الشك فهو : التردد بين الزيادة والنقص ، مثل:أن يتردد هل صلى ثلاثاً أو أربعاً ؛ فلا يخلو من حالين :
1)إما أن يترجح عنده أحد الطرفين : الزيادة ، أو النقص ، فيبني على ما ترجح عنده ، ويتم عليه ، ويسجد للسهو بعد السلام 
مثال ذلك :
 رجل يصلى الظهر ثم شك : هل هو في الركعة الثالثة أو الرابعة ؟ وترجح عنده أنها الثالثة؛ فيأتي بركعة ، ثم يسلم ، ثم يسجد للسهو 
2)وإما أن لا يترجح عنده أحد الأمرين ؛ فيبنى على اليقين وهو الأقل ، ويتم عليه ، ويسجد للسهو قبل السلام .
ومثال ذلك :
 رجل يصلي الظهر فشك : هل هذه الركعة الثالثة ، أو الرابعة ؟ ولم يترجح عنده أنها الثالثة ، أو الرابعة ؛ فيبني على اليقين وهو الأقل ، ويجعلها الثالثة ، ثم يأتي بركعة ويسجد للسهو قبل أن يسلم . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا للاهتمام والمتابعة

اذهب لأعلى الصفحة