السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

رسالة ترحيب

الاثنين، 8 يونيو 2015

سليمان عليه السلام وتبرئة الله له من السِّحر والكفر

** وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا
قال تعالى : "وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ  وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا "
إن الآية الكريمة تعرضت لأمر قد شاع عند بعض من بني اسرائيل ، لقد قالوا : إن سليمان إنما صار مَلِكاً وثَرِيًّا بفضل ماتعلمه من سِحر ، وهذا قول باطل ، برَّأ الله سليمان منه في قوله "وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا " ، ويدلنا الحق أن الكفر كان من الشياطين الذين يُعلِّمون الناس السِّحر ، ونكتشف من ذلك أن نبي الله سليمان لم يكن يعلم السِّحر ، وأن مُلكه و استتباب الأمر له لم تكن قضية سِحر ، إنما هي مشيئة الحق سبحانه وتعالى ... قصص الأنبياء للشعراوي
** ما أورد الواحدى في أسباب النزول عن هذه الآية
(*) عن عمران بن الحارث قال : بينما نحن عند ابن عبّاس إذ قال : إنّ الشّياطين كانوا يسْترقون السّمْع من السّماء ، فيجيء أحَدُهم بكلمة حقّ ، فإِذا جَرّب من أَحَدهم الصِّدْق كذب معها سبعين كذْبة ، فيُشْربها قلوب النَّاس
فاطَّلع على ذلك سليمان فأخذها فدفنها تحت الكُرْسيّ ، فلمّا مات سليمان قام شيطان بِالطّريق فقال : أَلا أدُلُّكُم على كنز سُلَيْمان المُمَنَّع الّذي لا كنز له مثْله ؟
 قالوا : نعم ، قال : تحت الكرسيّ ، فأخرجوه فقالُوا : هذا سِحْر . فتَنَاسخته الأُمم ، فأنزل اللَّه تعالى عُذْر سُلَيْمان " وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ .. " 
(*) وقال الكلبيّ : إنّ الشّياطين كتبُوا السِّحْر والنَّيْرنجيّات على لسان آصِف : هذا ما علَّم آصِف بن بَرْخيا سليمان الملك ، ثُمّ دفنُوها تحت مُصَلّاه حين نزع اللَّه مُلْكه ، ولم يشعر بذلك سُليمان 
فلمّا مات سليمان استخرجوه من تحت مصلَّاه ، وقالُوا للنّاس : إنّما مَلَكَكُم سليمان بهذا فتعلَّموه . فأمّا علماء بني إسرائيل فقالوا : معاذ اللَّه أن يكون هذا عِلْم سليمان . وأمّا السَّفَلة فقالوا : هذا عِلْم سليمان ، وأَقبلوا على تَعلُّمه ، ورفضوا كتب أنبِيَائهم . ففَشَت الملامة لسليمان
 فلمْ تزَلْ هذه حالهم حتّى بعث اللَّه محمّدًا   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ    فأنزل الله عذر سليمان على لسانه وأظهر براءته مما رمي به فقال  " وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ ..." الآية . 
(*) عن عتّاب بن بشير ، أخبرنا خُصيف قال : كان سليمان إذا نبتت الشّجرة قال : لأيّ داء أنت ؟ فتقُول لكذا وكذا . فلمَّا نبتت شجرة الخُرْنوبة قال : لأيّ شيء أَنْت ؟ قالت : لمسجدكَ أُخَرِّبه قال : تُخَرِّبينه ؟ ! قالت : نعم ، قال : بئْس الشجرة أنت . فلَمْ يلْبث أَن تُوفّي ، فجَعل النّاس يقولون في مرضاهم : لو كان  لنا  مثل سليمان . فأخذت الشَّياطين فكتبُوا كتابًا فجعلوه في مُصلّى سليمان وقالُوا : نحن ندُلُّكم على ما كان سليمان يُداوي به . فانطلقوا فاستخرجوا ذلك  الكتاب  فإِذا فيه سِحْر ورُقًى . فأنزل اللَّه تعالى : "وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ" إلى قوله : "فَلَا تَكْفُرْ"
(*) قال السّدّي : إنّ النّاس في زمن سليمان اكتَتَبُوا السِّحْر فاشتغلوا بتَعَلُّمه ، فأخذ سُليمان تلك الكتب وجعلها في صُندوق فدَفَنها تحْت كُرسيّه ، ونهاهم عن ذلك . فلَّما مات سُليمان وذهب الَّذِينَ كانوا يعرفون دفْنَهُ الكُتب ، تمَثّل شيطان علَى صورة إنسان ، فأتى نفَرًا من بني إسرائيل فقال : هل أَدُلّكم على كنز لا تأْكلونه أبدًا ؟
 قَالُوا : نعم 
 قال : فاحْفروا تحت الكرسيّ ، فحفروا فوجدوا تلك الكتُب ، فلمَّا أخرجوها قال الشّيطان : إنّ سُليمان كان يضبط الجنّ والإِنس والشّياطين والطَّير بهذا ، فاتّخذ بنو إِسرائيل تلْك الكُتب ، فلِذلك أكثر ما يُوجد السِّحْر في اليهود . فبَرَّأَ اللَّه عزّ وجلّ سليمان من ذلك وأنزل هذه الآية.
** تسخير الجن لسليمان عليه السلام
يقول تعالى : " وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ  يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ " سبأ 
* القِطر :  قال ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وقتادة ، وغير واحد : هو النحاس 
قال قتادة : وكانت باليمن ; أنبعها الله له لمدة ثلاثة أيام فقط ، أخذ منها جميع ما يحتاج إليه للبنايات وغيرها 
* وسخَّر الله له من الجِنّ عُمَّالًا يعملون له ما يشاء ، لا يفترون ولا يخرجون عن طاعته ، ومن خرج منهم عن الأمر عَذَّبه . يعملون له ما يشاء من محاريب (وهي الأماكن الحسنة وصدور المجالس) ، وتماثيل (وهي الصور في الجدران) ، وكان هذا سائغا في شريعتهم وملَّتهم . وجفان كالجواب ( وهي الحوض الذي يجبى فيه الماء) 
وأما القدور الراسيات ( هي القدورالكبيرة الثابتة فى مكانها بصدد إطعام الطعام ، والإحسان إلى الخلق من إنس وجان )
وقال تعالى :" وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ ، وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ "
 ". يعني أن منهم من قد سَخَّره في البناء ، ومنهم من يأمُرُه بالغَوْص في الماء لاستخراج الجواهر والللآلئ ، وآخرين قد عَصُوا فَقُيِّدُوا مقرنين اثنين اثنين في الأصفاد ، وهي القيود ، هذا كله من جُملة ما هيأ الله وسخر له من الأشياء التي هي من تمام المُلْكِ الذي لا ينبغي لأَحَدٍ من بعده .. قصص الأنبياء لابن كثير
** وفاة سيدنا سليمان
قال الله تبارك وتعالى : " فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ" سبأ 
عن جرير عن عطاء قال: كان سليمان بن داود يصلي، فمات وهو قائم يصلي والجن يعملون لا يعلمون بموته، حتى أكلت الأَرَضَة عصاه فخَرَّ وأن في قوله "أَنْ لَوْ كَانُوا" في موضع رفع بـ" تَبَيَّن "، لأن معنى الكلام: فلما خر تبين وانكشف، أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ... تفسير الطبري
* عن ابن عباس : كان سليمان نبي الله ، عليه السلام ، إذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه فيقول لها : ما اسمك ؟ فتقول : كذا . فيقول : لأي شيء أنت ؟ فإن كانت لغرس غرست ، وإن كانت لدواء كتبت ، فبينما هو يصلي ذات يوم إذ رأى شجرة بين يديه ، فقال لها : ما اسمك ؟ قالت : الخروب . قال : لأي شيء أنت ؟ قالت : لخراب هذا البيت . فقال سليمان : اللهم عَم عَلَى الجِنّ مَوتِي ; حتى تعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب . فنحتها عَصَا ، فتوكأ عليها حَوْلًا والجِنّ تعمل ، فأكلتها الأَرَضَة فتَبيَّنَت الإنس أن الجِنّ لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا في العذاب المهين
فأيقن الناس عند ذلك أن الجِنّ كانوا يكذِبُون ، ولو أنهم علموا الغَيْب لعلموا بموت سليمان ولم يلبثوا في العَذَاب سَنَة يعملون له ( موقوفا على ابن عباس) ... قصص الأنبياء لابن كثير وتفسير الطبري والقرطبي
* عاش سليمان عليه السلام نيِّفا وخمسين سنة واختلفوا  فى فترة مُلكِه مابين عشرين  وأربعين سنة 
* ثم ملك بعده ابنه رحبعم مدة سبع عشرة سنة فيما ذكره ابن جرير قال : ثم تفرَّقت بعده مَمَلكة بني إسرائيل ... قصص الأنبياء لابن كثير 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا للاهتمام والمتابعة

اذهب لأعلى الصفحة