السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

رسالة ترحيب

الثلاثاء، 10 أكتوبر 2017

قصة تحويل القِبلة

الترتيب بين القبلتين هو تدرج في الأحكام  وليس تراجعاً (والعياذ بالله) مثلما يظن أعداء الإسلام فالمولى سبحانه يعلم قدراتنا البشرية الضعيفة فيعطينا الحكم ليؤهلنا لما يليه 
فقد كانت قِبلة المسلمين فى البدء هى المسجد الأقصى للعمل على تقوية إيمان المؤمنين وتنقية النفوس من شوائب الجاهلية ويظهر من يتبع الرسول اتباعًا صادقًا عن اقتناع وتسليم، ممن ينقلب على عقبيه ويتعلق قلبه بدعاوى الجاهلية 
** من  أسباب البدء بالقِبلة للمسجد القصى 
* الطاعة لله ورسوله وتطهير النفس من عوالق الجاهلية من المكابرة والرفض للعناد فمثل هؤلاء لن يستطيعوا تحمل مسئولية الدعوة 
وقد وضحت الآية الكريمة ذلك "وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِى كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ"سورة البقرة
* وربما لأن  الكعبة  مازالت ممتلئة بالأصنام وكانت أعداد المسلمين قليلة  مُضطهدة أومُعذبة أو مُهاجرة  فكان من الصعب عليهم مواجهة قريش مواجهات مباشرة للاقتراب من الكعبة  فالكعبة هى مصدر الهيبة والفخر لقريش فلن ترضاها لمحمد صلى الله عليه وسلم وأتباعه
وربما تأكيد لأن تكون القدس والمسجد الأقصى من صميم الاسلام فلو كانت القبلة فى البداية للكعبة كان اليهود استراحوا وأكدوا أن القدس يهودية انما أراد الله سبحانه أن يكون المسجد الأقصى  والقدس من مسلمات الاسلام
وفى النهاية ايماننا الكامل بالحكمة الإلهية العظيمة والتى لا يصل اليها بشر هى التى تضعنا على طريق الطاعة والتسليم
** تحويل القِبلة
بعد أن استتب الأمر لدولة الإسلام فى المدينة، صدر الأمر الإلهى الكريم بالاتجاه إلى المسجد الحرام
فقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يكثر الدعاء والابتهال أن يوجَّه إلى الكعبة ، التي هي قبلة إبراهيم ، عليه السلام 
فكرَّم الله نبيه صلى الله عليه وسلم فى هذه الليلة  بتحويل القبلة والاستجابة لرغبته صلى الله عليه وسلم لتَقَرَّ عينُ الرسول صلى الله عليه وسلم وقلبه المعلق بمكة المكرمة
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى نحو بيت المقدس ، فنزلت: "قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِى السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ"؛ فمر رجل من بنى سلمة وهم ركوع فى صلاة الفجر، وقد صلوا ركعة، فنادى: ألا إن القبلة قد حولت، فمالوا كما هم نحو القبلة ... رواه مسلم
* وتحويل القبلة نزل على رسول الله وقد صلى ركعتين من الظهر وذلك في مسجد بني سلمة: فسمي: مسجد القبلتين 
 وأمّا أهل قُباء فلَم يَبْلُغهم الخَبَر إلى صَلاة الفَجْر مِن اليوم الثّاني 
عن عبد الله ابن عُمر  رضي الله عنهما  أنَّه قال: بَيْنما النّاس بقُباء في صَلاة الصبح إذا جاءَهُم آتٍ فقال: إِنَّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قَدْ أُنْزِل عَلَيْه اللّيْلة قُرْآن وقدْ أُمر أن يَسْتَقبل الكعبة فاستَقْبِلُوها، وكانت وُجُوهُهم إِلى الشّام فاستَدارُوا إِلى الكعبة ... رواه البخاري 
* وفي كشف المشكل لابن الجوزي : زار رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بشير بن البَراء ابْن معْرور، فتغدى وأصْحابه وجَاءَت الظّهْر، فصلى بأَصْحابه في مسجد القبلَتَيْن ركْعَتَيْن من الظّهْر إِلَى الشّام وأمر أَن يسْتَقْبل الكعبة وهُو راكع فِي الرَّكعة الثَّانية، فاسْتَدَار إِلى الكعبة واستدارت الصُّفُوف خَلفه ثمَّ أتم الصَّلَاة، فَسُمي مَسْجِد الْقبْلَتَيْنِ
* وعن البراء بن عازب، أن النبى صلى الله عليه وسلم " صلَّى قِبل بيت المقدس ستة عشر شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا، وكان يُعجِبه أن تكون قبلته قِبل البيت " ... رواه البخارى
** تاريخ التحويل 
أما تاريخ التحويل فهو فى السنة الثانية من الهجرة بالاتفاق ولكن الخلاف بين العلماء على الشهر الذى تم فيه التحويل فقيل منتصف شعبان على الاغلب كما ذكر ابن كثير فى البداية والنهاية  وقيل الثامن من محرم وقيل في نصف شهر رجب من السنة الثانية للهجرة على الصحيح، وبه قال الجمهور كما نص عليه الحافظ ابن حجر في الفتح.
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : صرف رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من الشَّامِ إلى القِبلةِ، فصَلَّى إلى الكعبةِ في رجَبٍ على رأسِ سَبعةَ عَشَرَ شَهرًا مِن مَقْدَمِه المدينةَ .... الأحكام الكبير لابن كثير
** ردود الأفعال تجاه تحويل القبلة
المسلم الحق امتثل لأمر الله دون تردد فكان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنطبق عليهم الآية الكريمة:"وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ" سورة الاحزاب
وقد أظهر بعض المسلمين القلق على من لم يكتب الله له شرف الصلاة إلى الكعبة ممن مات قبلهم ، وخافوا من حبوط أعمالهم ، وقالوا : يا رسول الله كيف بإخواننا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس ، ؟ فأنزل الله" وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ  " سورة البقرة
أما أهل النفاق والريب والكفر  فقد زاغوا عن الهدى ووجدوا الفرصة سانحة للتشكيك فى النبوة  وتضليل ضعاف الايمان،    فقالوا   قد التبس عليه أمره وتحير و قالوا ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها  : كما فى قوله تعالي:"سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا"
فأنزل الله الجواب في قوله : 
 قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ"
و قوله تعالى : 
"لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ"سورة البقرة
------------------------------------------------------
ملاحظة:
كان وصول النبي فى الهجرة للمدينة فى شهر ربيع الثانى كما ذكره القرطبى فى تفسيره وبعدها صلى فى اتجاه المسجد الأقصى ستة عشر او سبعة عشر شهرا كما ورد فى البخاري

هناك تعليقان (2):

  1. جزاكم الله خير الجزاء على حسن النشر والتفند الراقي لشرح مبسط

    ردحذف
    الردود
    1. جعلكم الله دائما للخير اهلا
      وجعل طريقكم للفردوس سهلا
      اشكر لكم المرور الطيب

      حذف

شكرا للاهتمام والمتابعة

اذهب لأعلى الصفحة