كان جريج تاجرا في بني اسرائيل ، وكان يخسر مرة ويربح أخرى فقال : ما في هذه التجارة من خير ، لألتمسن تجارة هي خير منها
فانقطع للعبادة والزهد ، واعتزل الناس ، واتخذ صومعة يترهَّب فيها ، وكانت أمه تأتي لزيارته كل حين ، فيطل عليها من شُرْفة في الصومعة فيكلمها ، فجاءته في يوم من الأيام وهو يصلي ، فنادته فآثر إكمال الصلاة على إجابة نداء أمه ، ثم انصرفت وجاءته في اليوم الثاني والثالث ، فنادته وهو يصلي كما فعلت في اليوم الأول ، فاستمر في صلاته ولم يجبها ، فغضبت غضبا شديداً ، ودعت عليه بأن لا يميته الله حتى ينظر في وجوه الزانيات فاستجاب الله دعاء الأم ، وهيأ أسبابه ، وعرضه للبلاء
فقد تحدث بنو إسرائيل فيما بينهم عن جريج وعبادته وزهده ، فسمعت بذلك امرأة بغي يضرب الناس المثل بحسنها وجمالها ، فتعهدت لهم بإغوائه وفتنته ، فلما تعرضت له لم يأبه بها ، وأبى أن يكلمها ، ولم يعرها أي اهتمام ، فازدادت حنقا وغيظا ، حيث فشلت في ما ندبت نفسها له من فتنة ذلك العابد ، فعمدت إلى طريقة أخرى تشوه بها سمعته ، ودبرت له مكيدة عظيمة ، فرأت راعيا يأوي إلى صومعة جريج ، فباتت معه ، ومكنته من نفسها ، فزنى بها ، وحملت منه في تلك الليلة ،
فلما ولدت ادَّعت بأن هذا الولد من جريج ، فتسامع الناس أن جريجا العابد قد زنى بهذه المرأة ، فخرجوا إليه ، وأمروه بأن ينزل من صومعته ، وهو مستمر في صلاته وتعبده ، فبدؤوا بهدم الصومعة بالفؤوس ، فلما رأى ذلك منهم نزل إليهم ، فجعلوا يضربونه ويشتمونه ويتهمونه بالرياء والنفاق ، ولما سألهم عن الجرم الذي اقترفه ، أخبروه باتهام البغي له بهذا الصبي ، وساقوه معهم ، وبينما هم في الطريق ، إذ مروا به قريباً من بيوت الزانيات ، فخرجن ينظرن إليه ، فلما رآهن تبسم ، ثم أمر بإحضار الصبي ، فلما جاءوا به طلب منهم أن يعطوه فرصة لكي يصلي ويلجأ إلى ربه ، ولما أتم صلاته جاء إلى الصبي ، فطعنه في بطنه بإصبعه ، وسأله والناس ينظرون ، فقال له : من أبوك ؟ فأنطق الله الصبي ، وتكلم بكلام يسمعه الجميع ويفهمه ، فقال : أبي فلان الراعي ، فعرف الناس أنهم قد أخطؤوا في حق هذا الرجل الصالح ، وأقبلوا عليه يقبلونه ويتمسحون به ، ثم أرادوا أن يكفروا عما وقع منهم تجاهه ، فعرضوا عليه أن يعيدوا بناء صومعته من ذهب ، فرفض وأصر أن تعاد من الطين كما كانت
ولما سألوه عن السبب الذي أضحكه عندما مروا به على بيوت الزواني ، قال : ما ضحكت إلا من دعوة دعتها عليَّ أمي
وقد وردت القصة فى الصحيحين
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ عِيسَى، وَكَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ كَانَ يُصَلِّي جَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ فَقَالَ: أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ الْمُومِسَاتِ وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ فَتَعَرَّضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى فَأَتَتْ رَاعِيًا فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوَلَدَتْ غُلَامًا فَقَالَتْ: مِنْ جُرَيْجٍ فَأَتَوْهُ فَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ وَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الْغُلَامَ فَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ؟ قَالَ: الرَّاعِي! قَالُوا: نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ قَال:َ لَا إِلَّا مِنْ طِينٍ. وَكَانَتْ امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنًا لَهَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ رَاكِبٌ ذُو شَارَةٍ فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ ابْنِي مِثْلَهُ
فَتَرَكَ ثَدْيَهَا وَأَقْبَلَ عَلَى الرَّاكِبِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ! ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهَا يَمَصُّهُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَصُّ إِصْبَعَهُ ثُمَّ مُرَّ بِأَمَةٍ فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ ابْنِي مِثْلَ هَذِهِ فَتَرَكَ ثَدْيَهَا فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا! فَقَالَتْ لِمَ ذَاكَ؟ فَقَالَ: الرَّاكِبُ جَبَّارٌ مِنْ الْجَبَابِرَةِ، وَهَذِهِ الْأَمَةُ يَقُولُونَ: سَرَقْتِ زَنَيْتِ وَلَمْ تَفْعَل" . رواه البخاري ومسلم.
فانقطع للعبادة والزهد ، واعتزل الناس ، واتخذ صومعة يترهَّب فيها ، وكانت أمه تأتي لزيارته كل حين ، فيطل عليها من شُرْفة في الصومعة فيكلمها ، فجاءته في يوم من الأيام وهو يصلي ، فنادته فآثر إكمال الصلاة على إجابة نداء أمه ، ثم انصرفت وجاءته في اليوم الثاني والثالث ، فنادته وهو يصلي كما فعلت في اليوم الأول ، فاستمر في صلاته ولم يجبها ، فغضبت غضبا شديداً ، ودعت عليه بأن لا يميته الله حتى ينظر في وجوه الزانيات فاستجاب الله دعاء الأم ، وهيأ أسبابه ، وعرضه للبلاء
فقد تحدث بنو إسرائيل فيما بينهم عن جريج وعبادته وزهده ، فسمعت بذلك امرأة بغي يضرب الناس المثل بحسنها وجمالها ، فتعهدت لهم بإغوائه وفتنته ، فلما تعرضت له لم يأبه بها ، وأبى أن يكلمها ، ولم يعرها أي اهتمام ، فازدادت حنقا وغيظا ، حيث فشلت في ما ندبت نفسها له من فتنة ذلك العابد ، فعمدت إلى طريقة أخرى تشوه بها سمعته ، ودبرت له مكيدة عظيمة ، فرأت راعيا يأوي إلى صومعة جريج ، فباتت معه ، ومكنته من نفسها ، فزنى بها ، وحملت منه في تلك الليلة ،
فلما ولدت ادَّعت بأن هذا الولد من جريج ، فتسامع الناس أن جريجا العابد قد زنى بهذه المرأة ، فخرجوا إليه ، وأمروه بأن ينزل من صومعته ، وهو مستمر في صلاته وتعبده ، فبدؤوا بهدم الصومعة بالفؤوس ، فلما رأى ذلك منهم نزل إليهم ، فجعلوا يضربونه ويشتمونه ويتهمونه بالرياء والنفاق ، ولما سألهم عن الجرم الذي اقترفه ، أخبروه باتهام البغي له بهذا الصبي ، وساقوه معهم ، وبينما هم في الطريق ، إذ مروا به قريباً من بيوت الزانيات ، فخرجن ينظرن إليه ، فلما رآهن تبسم ، ثم أمر بإحضار الصبي ، فلما جاءوا به طلب منهم أن يعطوه فرصة لكي يصلي ويلجأ إلى ربه ، ولما أتم صلاته جاء إلى الصبي ، فطعنه في بطنه بإصبعه ، وسأله والناس ينظرون ، فقال له : من أبوك ؟ فأنطق الله الصبي ، وتكلم بكلام يسمعه الجميع ويفهمه ، فقال : أبي فلان الراعي ، فعرف الناس أنهم قد أخطؤوا في حق هذا الرجل الصالح ، وأقبلوا عليه يقبلونه ويتمسحون به ، ثم أرادوا أن يكفروا عما وقع منهم تجاهه ، فعرضوا عليه أن يعيدوا بناء صومعته من ذهب ، فرفض وأصر أن تعاد من الطين كما كانت
ولما سألوه عن السبب الذي أضحكه عندما مروا به على بيوت الزواني ، قال : ما ضحكت إلا من دعوة دعتها عليَّ أمي
وقد وردت القصة فى الصحيحين
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ عِيسَى، وَكَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ كَانَ يُصَلِّي جَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ فَقَالَ: أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ الْمُومِسَاتِ وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ فَتَعَرَّضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى فَأَتَتْ رَاعِيًا فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوَلَدَتْ غُلَامًا فَقَالَتْ: مِنْ جُرَيْجٍ فَأَتَوْهُ فَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ وَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الْغُلَامَ فَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ؟ قَالَ: الرَّاعِي! قَالُوا: نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ قَال:َ لَا إِلَّا مِنْ طِينٍ. وَكَانَتْ امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنًا لَهَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ رَاكِبٌ ذُو شَارَةٍ فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ ابْنِي مِثْلَهُ
فَتَرَكَ ثَدْيَهَا وَأَقْبَلَ عَلَى الرَّاكِبِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ! ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهَا يَمَصُّهُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَصُّ إِصْبَعَهُ ثُمَّ مُرَّ بِأَمَةٍ فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ ابْنِي مِثْلَ هَذِهِ فَتَرَكَ ثَدْيَهَا فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا! فَقَالَتْ لِمَ ذَاكَ؟ فَقَالَ: الرَّاكِبُ جَبَّارٌ مِنْ الْجَبَابِرَةِ، وَهَذِهِ الْأَمَةُ يَقُولُونَ: سَرَقْتِ زَنَيْتِ وَلَمْ تَفْعَل" . رواه البخاري ومسلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكرا للاهتمام والمتابعة