السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

رسالة ترحيب

الأحد، 31 مارس 2019

اسم الله الأعْظَم

 الجميع يلتمس من المولى عز وجل أن يقبل الدعاء وقد تعلمنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبدأ الدعاء  بالتقرُّب الى الله بتعظيمه والثناء عليه ثم الصلاة على اشرف الخلق صلى الله عليه وسلم
ثم بعدها نتقدم بطلبنا في خشوع وتذلل
كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعلِّم صحابته كيفية الدعاء وماهو المستحسن في بدايته
فعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال : سمِع رسول اللَّه صلَّى اللَّه علَيه وسلَّم رَجُلًا يدعُو في صلَاته لَم يُمجِّد اللَّه تَعَالى ، ولَم يُصَلّ علَى النّبِيّ صلَّى اللَّه علَيه وسلَّم، فقال رسول اللَّه صلَّى اللَّه علَيه وسلَّم: عَجِل هذا . ثُمَّ دَعَاه فقال لَه أو لِغَيره:" إِذَا صَلَّى أَحَدُكُم فَلْيَبْدَأ بِتَمْجِيدِ رَبِّه جَلّ وعَزّ ، والثَّنَاء عَليه ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيّ صلَّى اللَّه علَيه وسلَّم ، ثُمّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاء " ... رواه ابو داود وصححه الالباني
فالتقرب الى الله في الدعاء بالاعتراف بوحدانيته وربوبيته  وذِكر صفاته العُلى واسمائه الحُسنى واستحضارها في القلب قبل اللسان ، وقد ورد في بعض الأحاديث عن أن إسماً من بين هذه الأسماء الحسنى هو الإسم الأعظم الذي اذا دُعِيَ به عز وجل فهو يجيب الدعاء، فما هو  اسم الله الأعْظَم؟
**بعض الأحاديث الصحيحة الواردة عن  اسم الله الأعْظَم:
* عن أسماء بنت يزيد قالت :قال  رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اسْمُ الله الأعْظم في هاتَيْن الآيَتَيْنِ "وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ واحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هو الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ" و فاتِحَةِ ( آل عِمْران ) "الم   اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هو الْحَيُّ الْقَيُّومُ" " ... صححه الألباني في صحيح الجامع
*عن أبي أمامة الباهلي قال : قال  رسول الله صلى الله عليه وسلم :"اسْمُ اللهِ الأعْظَمُ الذي إذا دُعِيَ بهِ أجابَ ؛ في ثلاثِ سُوَرٍ من القُرآنِ : في ( البَقرةِ ) و ( آلِ عِمْرانَ ) ، و ( طه )" ... صححه الألباني في صحيح الجامع
*وعن أنس بن مالك قال :أنَّهُ كانَ معَ رسولِ اللَّهِ صلّى اللَّه عليه وسلم جالسًا ورجلٌ يصلِّي ثمَّ دعا :اللَّهمّ إنِّي أسألُكَ بأنَّ لَكَ الحمدُ لا إلَه إلَّا أنتَ المنَّانُ بديع السَّموات والأرض يا ذا الجلالِ والإِكرام يا حيُّ يا قيُّوم ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم :"لقد دعا اللَّهَ باسمِهِ العظيمِ الَّذي إذا دعيَ بِهِ أجابَ وإذا سئلَ بِهِ أعطى" ... رواه أبو داود وصححه الألباني
*وعن  عبدالله بن بريدة بن الحصيب عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : سمع رجلا يقول : اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله ، لا إله إلا أنت ، الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد . فقال : "لقد سألتَ الله بالاسم  الأعْظَم الذي إذا سُئِل به أَعطَى، وإذا دُعِيَ به أجَاب" ... رواه أبو داود  وصححه الألباني 
**اختلاف العلماء في "  اسم الله الأعْظَم" :
الرأي الأول : إنكار وجود اسم محدد أعظم من الآخر
فهؤلاء يرون  عدم جواز تفضيل اسم من أسماء الله تعالى على آخر فكلُّها عظيمة  ومنهم من خَشِيَ أن يتمسك الناس باسم معين دون آخر عندما يظن أنه سبب الاجابة 
وأما عن الأحاديث  السابقة فمنهم من رأى أنها  تبين  مزيد  وعِظَم ثواب الدَّاعِي 
ومنهم من قال أن المراد بالاسم الأعظم :حالة يكون عليها الدَّاعِي ، وهي تشمل كل من دِعا الله تعالى باسم من أسمائه الحُسنَى بحيث يكون  قلب العبد وكل تفكيره  حينئذ مُستغرقا مع ربه و لا يكون في تفكيره  حالة الدعاء غيره عز وجل 
* وقد أورد الحافظ ابن حجر في فتح الباري :
وقال ابن حبان : الأعظمية الواردة في الأخبار : إنما يراد بها مزيد ثواب الداعي بذلك ، كما أطلق ذلك في القرآن ، والمراد به : مزيد ثواب القارئ .
وقيل : المراد بالاسم الأعظم : كل اسم من أسماء الله تعالى دعا العبد به مستغرقاً بحيث لا يكون في فكره حالتئذ غير الله تعالى ، فإن من تأتَّى له ذلك : استجيب له ، ونقل معنى هذا عن جعفر الصادق ، وعن الجنيد ، وعن غيرهما .
الرأي الثاني :
أن الإسم الأعظم  موجود ولكن  استأثر الله تعالى بعلمِه  ،  لم يُطلع عليه أحداً من خلقه .
فقد أورد  الحافظ ابن حجر  في فتح الباري:
وقال آخرون : استأثر الله تعالى بعلم الاسم الأعظم ولم يطلع عليه أحداً من خلقه .
*الرأي الثالث :
هو اثبات وجود   اسم الله الأعظم وتعيينه ، ولكنهم اختلفوا في هذا التعيين فمنهم من قال أن الاسم الأعظم هو : الله ، ومنهم من قال : هو الحي القيوم  ،..
ولكن اجتمع اكثر اهل العلم على  أن الاسم الأعظم على الأرجح  هو " الله " ؛ فهو الاسم الجامع لله تعالى الذي يدل على جميع أسمائه وصفاته تعالى ، وهو اسم لم يُطلق على أحد غير الله تعالى ، وعلى هذا أكثر أهل العلم
قول الحافظ ابن حجر العسقلاني في   فتح الباري عن تعيين الاسم الأعظم:
وجُملة ما وقفت عليه من ذلك أربعة عشر قولا
الأول الاسم الأعظم: "هُوَ " نقله الفخر الرازي عن بعض أهل الكشف واحتج له بأن من أراد أن يعبر عن كلام معظم حضرته لم يقل له أنت قلت كذا وإنما يقول هو يقول تأدبا معه 
الثاني :" اللَّهُ " لأنه اسم لم يطلق على غيره ولأنه الأصل في الأسماء الحسنى ومن ثم أضيفت إليه
الثالث :" اللَّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ  " ولعل مستنده ما أخرجه ابن ماجه عن عائشة أنها " سألت النبي  صلى الله عليه وسلم  أن يعلمها الاسم الأعظم فلم يفعل فصلت ودعت اللهم إني أدعوك الله وأدعوك الرحمن وأدعوك الرحيم وأدعوك بأسمائك الحسنى كلها ما علمت منها وما لم أعلم " الحديث  .. قلت وسنده ضعيف وفي الاستدلال به نظر لا يخفى
 الرابع :"  الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ  " لما أخرج الترمذي من حديث أسماء بنت يزيد أن النبي   صلى الله عليه وسلم   قال "اسْمُ الله الأعْظم في هاتَيْن الآيَتَيْنِ "وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ واحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هو الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ" و فاتِحَةِ ( آل عِمْران ) " اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هو الْحَيُّ الْقَيُّومُ" " أخرجه أصحاب السنن إلا النسائي وحسنه الترمذي وفي نسخة صحيحة وفيه نظر لأنه من رواية شهر بن حوشب
الخامس :" الحي القيوم " أخرج ابن ماجه من حديث أبي أمامة " الِاسْمُ الْأَعْظَمُ فِي ثَلَاثِ سُوَرٍ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَطَه " قال القاسم الراوي عن أبي أمامة : التمسته منها فعرفت أنه الحي القيوم وقواه الفخر الرازي واحتج بأنهما يدلان من صفات العظمة بالربوبية ما لا يدل على ذلك غيرهما كدلالتهما 
السادس :"الْحَنَّانُ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ الْحَيُّ الْقَيُّومُ  " ورد ذلك مجموعا في حديث أنس عند أحمد والحاكم وأصله عند أبي داود والنسائي وصححه ابن حبان . 
السابع :"بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ" أخرجه أبو يعلى من طريق السدي بن يحيى عن رجل من طيئ وأثنى عليه قال " كنت أسأل الله أن يُرِيَنِي الاسم الأعظم فَأُرِيتُهُ مكتوبا في الكواكب في السماء " . 
الثامن :"ذُو الجَلَال وَالإِكْرَام " أخرج الترمذي من حديث معاذ بن جبل قال " سمع النبي   صلى الله عليه وسلم   رجُلا يقول يا ذا الْجَلَال وَالْإِكْرَام ، فقال "قد استجيب لك فَسَلْ " واحتج له الفخر بأنه يشمل جميع الصفات المعتبرة في الإلهية ; لأن في الجلال إشارة إلى جميع السلوب وفي الإكرام إشارة إلى جميع الإضافات 
التاسع :" اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد  " أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم من حديث بريدة وهو أرجح من حيث السند من جميع ما ورد في ذلك 
العاشر :"رَبِّ رَبِّ  " أخرجه الحاكم من حديث أبي الدرداء وابن عباس بلفظ " اسم الله الأكبر ربّ ربّ " وأخرج ابن أبي الدنيا عن عائشة " إذا قال العبد يا رب يا رب قال الله - تعالى - : لبيك عبدي سَلْ تُعْطَ  " رواه مرفوعا وموقوفا 
الحادي عشر :"دَعْوَةُ ذِي النُّونِ  " أخرج النسائي والحاكم عن فضالة بن عبيد رفعه " دعوة ذي النون في بطن الحوت لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ، لم يدع بها رجل مسلم قط إلا استجاب الله له " 
الثاني عشر :نقل الفخر الرازي عن زين العابدين أنه سأل الله أن يعلمه الاسم الأعظم فرأى في النوم " هُوَ اللَّهُ اللَّهُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ " 
الثالث عشر :هو مخفي في الأسماء الحسنى ويؤيده حديث عائشة المتقدم " لما دعت ببعض الأسماء وبالأسماء الحسنى فقال لها   صلى الله عليه وسلم   إنه لفي الأسماء التي دعوت بها . 
الرابع عشر :" كَلِمَةُ التَّوْحِيد " نقله عياض تقدم قبل هذا واستدل بحديث الباب على انعقاد اليَمِين بكل اسم ورد في القرآن أو الحديث الثابت وهو وجه غريب حكاه ابن كج من الشافعية ومنع الأكثر لقوله   صلى الله عليه وسلم   " مَن كَان حَالِفًا فَلْيَحْلِف بِاللَّه " وأجيب بأن المراد الذات لا خصوص هذا اللفظ وإلى هذا الإطلاق ذهب الحنفية والمالكية وابن حزم وحكاه ابن كج أيضا 
========================================
وقد ذهب ترجيح  العلماء الأقوى الى أن الإسم الأعظم هو " الله " ومن بينهم:
* ابن القيم فيقول
اسم " الله " دالٌّ على جميع الأسماء الحسنى والصفات العليا بالدلالات الثلاث ...
والدلالات الثلاث هي : المطابقة والتضمن واللزوم .
* ويقول  ابن أمير حاج الحنفي ( ابن المُوقِّت ) :
عن محمد بن الحسن قال : سمعتُ أبا حنيفة رحمه الله يقول : اسم الله الأعظم هو " الله " , وبه قال الطحاوي وكثير من العلماء , وأكثر العارفين .
*ويقول  الخطيب الشربيني القاهري الشافعي في  مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج :
وعند المحققين أنه اسم الله الأعظم ، وقد ذكر في القرآن العزيز في ألفين وثلثمائة وستين موضعاً .
========================================
أما الترجيح الثاني لاسم الله الأعظم  هو " الْحَيُّ الْقَيُّومُ  " ، وهو قول مجموعة من العلماء ، ومنهم الامام النووي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا للاهتمام والمتابعة

اذهب لأعلى الصفحة