السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

رسالة ترحيب

الأربعاء، 3 يناير 2024

وصل الحال بالبعض أن يتنافس في حوارات الشكوى من الظروف والزمن ، وبدلاً من التَّعَفُّف ، أصبحنا نتأفَّف

فقط نحن لم نعتاد على الرضا بما يقسمه الله لنا ! ، واعتدنا على التبرُّم والتقليل بما في يدينا حتى وإن كان كثيرا ، فالغني لا يحمد الله أنه ليس فقيرا بل ينظر لمن هو أغنى فيعترض على ما أعطاه الله ، الموظف لا يحمد الله أنه ليس عاطلا ، والأم لا تحمد الله على أنها ليست عاقرا وتظل تشتكي من الأولاد وأنهم أتوا إلى الدنيا بدون رغبتها ، والذي يسكن في غرفة لا يحمد الله أنه ليس في الشارع ولا ينظر إلا لمن يسكن في فيلا حتى يتحسر على نفسه ، والطالب لا يحمد الله على أنه لديه من يتكفل تعليمه  ،والذي يشتكي من غلو السعر تقنعه أن هناك بديل رخيص في امكانياتك فيرفض لأنه لا يريد إلا السعر الذي سيجعله شكّاياً وحتى إذا حصل على الغالي فلا حمد أن يسره الله للحصول عليه ، فقط الشكوى 

 وغير ذلك الكثير والكثير من الظروف التي نشتكي ونتبرَّم منها فلا نعترف بفضل الله  فيها حتى نجد سببا للتَشَكِّي

 و للأسف صِرنا   نتنافس في الشكوى ، فكلما زِدنا  عبارات الضيق فنحن الفائزين بالسيطرة  على الحوار ، فالسَّبْق للأكثر شكوى   

وقد  وصل الحال بالبعض أن يتنافس في حوارات الشكوى من الظروف والزمن خوفا من حسد  أطراف الحوار الآخرى حتى لا يظنُّوا أنهم سعداء ! ... 

كلها فلسفة لأفكار لا تكشف إلا عن جهلنا بأمور ديننا ، فبدلاً من  التَّعَفُّف ،  أصبحنا دائما نتأفَّف ، و أصبحت سمة العصر الشكوى لمن حولنا من الناس  ، و نسأل لماذا لم يَحُل الله لنا مشاكلنا ؟  ، ببساطة نحن لجأنا لغير الله وشكونا الظروف التي منحك الله إياها  لغيره ونطلب من غيره التعديل ، أليس هذا من العبث ؟

لماذا أصبح من المعتاد أن تسمع الشكوى من ضيق الرزق و سوء العَيْش وقسوة الزمن ، والتي كلها بيد الله ، وربما تطاولنا في سبّ الأيام ، بل  وسبّ الزمن الذي تحدث لنا فيه الأزمات ، فنسينا الحديث القدسي الشريف :

يقول الله جلَّ وعلا:" يُؤذيني ابن آدم؛ يسبُّ الدهر، وأنا الدهر، بيَدِي الأمْرُ، أُقلِّب الليل والنَّهار"... رواه البخاري

فكيف تجرأنا  على ذلك ؟ 

لماذا لا تحمد الله أولا ثم تكون شكواك بينك وبين الله ؟ فالأمر بيده وحده ، فاطلب منه وارجوه  لعله يستجيب لك

 متى نلجأ إلى الله وحده لنفوض الأمور إليه ؟ 

** يقول ابن قيم الجوزية في كتاب  الفوائد :

 الجَاهِل يشكو الله إِلَى النَّاس وَهَذَا غَايَة الْجَهْل بالمشكو والمشكو إِلَيْهِ فَإِنَّهُ لَو عرف ربه لما شكاه وَلَو عرف النَّاس لما شكا إِلَيْهِم 

وَرَأى بعض السّلف رجلا يشكو إِلَى رجل فاقته وضرورته فَقَالَ يَا هَذَا وَالله مَا زِدْت على أَن شَكَوْت من يَرْحَمك 

وَفِي ذَلِك قيل:

اذا شَكَوْت إِلَى ابْن آدم إِنَّمَا ... تَشْكُو الرَّحِيم إِلَى الَّذِي لَا يرحم 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا للاهتمام والمتابعة

اذهب لأعلى الصفحة