السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

رسالة ترحيب

السبت، 18 يوليو 2020

البعض من الدعاة أو المتحمسين قد يقع في الخروج عن الكتاب والسُّنة ولكن باسم الكِتاب والسُّنة ... محمد ناصر الألباني

نشاهد أمامنا الكثير ممَّن يطلقون مُسمَّيات الكُفر على مَن يُخالِفُوهم الرأي ، بل ويعاقبوهم نتيجة استنتاجاتهم الشخصية وربما وصل الأمر للقتل ، فلماذا تِلك الجرْأة على التَّكفير ؟ من يظنُّون أنفسهم  ليوزِّعون صكوك الجنة والنار ؟ 
لقد تعَالَوْا على البشر ببعض كلمات حفظوها دون فهمها الصحيح ، اكتفوا بفهمهم دون الرجوع لفهم الصحابة الذين تأسُّوا بنَبيِّهم  والذين سَار على نَهْجهم  فُقَهاء الأمة الإسلامية 
** يقول الشيخ الألباني رحمه الله
مسألة التكفير عموما(لا للحكام فقط بل وللمحكومين أيضا ) هي فتنة عظيمة قديمة تَبَنتَّها فرقة من الفِرَق الإسلامية القديمة وهي المعروفة ب (الخوارج)
ومع الأسف الشديد فإن البعض من الدعاة أو المتحمسين قد يقع في الخروج عن الكتاب والسُّنة ولكن باسم الكِتاب والسُّنة
والسبب في هذا يعود إلى أمرين اثنين:
أحدهما هو: ضحالة العلم ، والأمر الآخر  وهو مهم جدا : أنهم لم يتفقهوا بالقواعد الشرعية والتي هي أساس الدعوة الإسلامية الصحيحة التي يَعُد كل من خَرَجَ عنها من تلك الفِرَق المُنحَرِفة عن الجماعة التي أثنى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث بل والتي ذكرها ربنا سبحانه، وبيَّن أن من خرج عنها يكون قد شاق الله ورسوله وذلك في قوله تعالى:"وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا " النساء، فإن الله (لأمر واضح عند أهل العلم) لم يقتصر على قوله " وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى " وإنما أضاف إلى مشاقة الرسول اتباع غير سبيل المؤمنين فقال: " وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا"النساء
فاتباع سبيل المؤمنين أو عدم اتباع سبيلهم أمر هام جدا إيجابا وسلبا فمن اتبع سبيل المؤمنين: فهو الناجي عند رب العالمين ومن خالف سبيل المؤمنين: فحسبه جهنم وبئس المصير
من هنا ضلت طوائف كثيرة جدا ( قديما وحديثا ) لأنهم لم يكتفوا بعَدَم التزام سبيل المؤمنين فحَسْب ولكن رَكَبُوا عُقُولهم واتَّبعوا أهواءهم في تفسير الكِتَاب والسُّنة ثم بنوا على ذلك نتائج خطيرة جدا خرجوا بها عمَّا كان عليه سَلَفنا الصَّالح رضوان الله تعالى عليهم جميعا
وهذه الفقرة من الآية الكريمة:" وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ " أكدها صلى الله عليه وسلم تأكيدا بالغا في غير ما حديث نبوي صحيح
* هذه الأحاديث ليست مجهولة عند عامة المسلمين ( فضلا عن خاصتهم ) لكن المجهول فيها هو أنها تدل على ضرورة التزام سبيل المؤمنين في فَهْم الكِتَاب والسُّنة ووجوب ذلك وتأكيده
وهذه النقطة يسهو عنها (ويغفل عن ضرورتها ولزومها ) كثير من الخاصة فضلا عن هؤلاء الذين عرفوا بــ جماعة التكفير ، أو بعض أنواع الجماعات التي تنسب نفسها للجهاد وهي في حقيقتها من فلول التكفير
فهؤلاء وأولئك ، قد يكونون في دواخل أنفسهم صالحين ومخلصين ولكن هذا وحده غير كاف ليكون صاحبه عند الله تعالى من الناجين المفلحين
إذ لابد للمسلم أن يجمع بين أمرين اثنين:
1 صدق الإخلاص في النية لله تعالى
وحُسْن الاتباع لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم
فلا يكفي (إذًا)  أن يكون المسلم مُخلصاً وجادًا فيما هو في صَدَدِه من العمل بالكِتَاب والسُّنة والدعوة إليهما بل لا بد  بالإضافة إلى ذلك  من أن يكون منهجه منهجا سويا سليما وصحيحا مستقيما ولا يتم ذلك على وجهه إلا باتباع ما كان عليه سلف الأمة الصالحون رضوان الله تعالى عليهم أجمعين
* فمن الأحاديث المعروفة الثابتة التي تؤصل ما ذكرت : حديث الفرق الثلاث والسبعين ألا وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة" قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال:" الجماعة "وفي رواية:" ما أنا عليه وأصحابي "
فنجد أن جواب النبي صلى الله عليه وسلم يلتقي تماما مع الآية السابقة:" وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ". فأول ما يدخل في عموم الآية هم أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم
فمن تمام رأفته وكمال رحمته بأصحابه وأتباعه أن أوضح لهم صلوات الله وسلامه عليه أن علامة الفرقة الناجية: أن يكون أبناؤها وأصحابها على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى ما كان عليه أصحابه من بعده
وعليه فلا يجوز أن يقتصر المسلمون عامة والدعاة خاصة في فَهْمِ الكِتَاب والسُّنَّة على الوسائل المعرُوفة للفَهم كمعرفة اللُّغة العربية والناسِخ والمَنسُوخ وغير ذلك ، بل لا بد من أن يرجع قبل ذلك كله إلى ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم  كما تَبَيَّن مِن آثارِهم ومن سِيرتِهم ، أنهم كانوا أخْلَص لله تعالى في العِبادة وأفْقَه مِنَّا في الكِتَاب والسُّنَّة إلى غير ذلك من الخصال الحميدة التي تَخَلَّقُوا بِها وتَأَدَّبُوا بآدابها
................................... كتاب فتنة التكفير لمحمد ناصر الدين الألباني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا للاهتمام والمتابعة

اذهب لأعلى الصفحة