السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

رسالة ترحيب

الثلاثاء، 30 يوليو 2019

ومِن العَجَائِب أنّ العَبْد يَسعَى بجُهدِه في هَوَان نَفْسِه ، وهو يَزعُم أنَّهُ لها مُكرِم ... ابن قيِّم الجوزيَّة

يحاول الشيطان وأعوانه أن ينالوا من الإنسان ويوقِعوه في شَرَكِهم بكل الطُرق ولا ينتبه الغافل أنه على حافة الهاوية ، ولايدرك الحصار الشديد  الذي يضربه عليه الشياطين ،فهم يقعدوا له في كل طريق
عن : سبرة بن الفاكه المخزومي الأسدي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إنَّ الشَّيطانَ قعدَ لابنِ آدمَ بأطرُقِهِ ، فقعدَ لَهُ بطريقِ الإسلامِ ، فقالَ : تُسلمُ وتذرُ دينَكَ ودينَ آبائِكَ وآباءِ أبيكَ ، فعَصاهُ فأسلمَ ، ثمَّ قعدَ لَهُ بطريقِ الهجرةِ ، فقالَ : تُهاجرُ وتدَعُ أرضَكَ وسماءَكَ ، وإنَّما مثلُ المُهاجرِ كمَثلِ الفرسِ في الطِّولِ ، فعَصاهُ فَهاجرَ ، ثمَّ قعدَ لَهُ بطريقِ الجِهادِ ، فقالَ : تُجاهدُ فَهوَ جَهْدُ النَّفسِ والمالِ ، فتُقاتلُ فتُقتَلُ ، فتُنكَحُ المرأةُ ، ويُقسَمُ المالُ ، فعصاهُ فجاهدَ ، فقالَ رسولُ اللَّهِ : فمَن فعلَ ذلِكَ كانَ حقًّا على اللَّهِ عزَّ وجلَّ أن يُدْخِلَهُ الجنَّةَ ، ومن قُتِلَ كانَ حقًّا على اللَّهِ عزَّ وجلَّ أن يُدْخِلَهُ الجنَّةَ ، وإن غرِقَ كانَ حقًّا على اللَّهِ أن يُدْخِلَهُ الجنَّةَ ، أو وقصتهُ دابَّتُهُ كانَ حقًّا على اللَّهِ أن يُدْخِلَهُ الجنَّةَ" ... رواه النسائي  وصححه الألباني 
وهكذا فإن أراد الأنسان خيرا ، وقفت له الشياطين  فتمنع اللسان  من الاستغفار ومن ذِكر الله ، وتمنعه من قول الحق فتسكته ، وتزيِّن  له الباطل والكذب فينساب على لسانه
وإذا أراد الإنسان الصَّدَقة ، دخلوا له من مدخل أنه أوْلى ،وأنه في احتياج أكثر من الآخرين ، وإن أراد الحج ، أقنعه الشياطين بأنه سيتكلَّف الكثير من ماله وهو محتاج هذا العام ، غير مشقته على الجسد فهو لا يحتملها 
وإذا أراد الصلاة ، أقنعه الشياطين بأنه لا يصح أن يقف بين يدي الله الآن ، لأنه يفعل الذنب كذا ، أو يقنعوه أنه لا يوجد وقت لديه للصلاة فهو مشغول طول اليوم ، فلايقرب الصلاة ، أو يُسلِّطوا عليه شياطين الإنس والتي تسخر منه فتقول له : هتصلِّي وتعمل فيها شيخ ، فيدعوه لإكمال المعاصي التي أراد أن يتركها ، فيُسلِّطوا عليه  زبانيتهم من النساء التي تشغله بالمعاصي
وإذا أراد الجهاد في سبيل الله ، فيقف له ابليس فيقول له كيف تضحي بنفسك وتترك مالك وأولادك وزوجتك 
وإذا استمع للقرآن الكريم ، ربط الشيطان على أُذُنه فأقنعه أن يغلقه لأنه مشغول فالقرآن يحتاج للإنصات ، فيستمع لأي شئ إلا القرآن 
وهكذا  فالأمثلة  كثيرة في  طُرُق الخير ، التي يسدُّوها عليه ، وعلى العكس في طُرُق الشر ، فهم يزيِّنُوها ويسهِّلُوها له 
ونسأل أنفسنا ماهي الأوتارالتي يلعب عليها ابليس ليسحق بني آدم ؟؟
والإجابة هي :وتر الغفلة ووتر الشهوة ، فهو يستغل غفلة القلب عن الله وعن يوم القيامة  ، ويُزيِّن له الشهوات المُحرَّمة عليه فلايرى فيها حَرَجا ، وهكذا فهما وتران مكملان لبعضهما فهما أشد أسلحة ابليس ، وإن يأس ابليس من هذيْن الوتريْن ، فهناك وتر الغضب  والذي ينفخ فيه ابليس ليتزايد فيصل إلى قطع الرحم وللقتل وغيره 
وهكذا فمداخل الشيطان لنا كثيرة ونحن من نعطيه الفرصة ، نحن من جعلنا جهلنا وضعفنا وغفلتنا  أسلحة  في يد الشيطان ليهلكن بها 
 نحن من ترك الله ونسيانه ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ* وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ "سورة الحشر
ولنسأل أنفسنا ماذا قدّمنا ليوم القيامة ؟ ،!!!! لا شئ
فلماذا لا نعطي أنفسنا فرصة للقرب من الله ، ألا نخشى عليها من غضب الله ، هل سنتحمَّل  نار جهنم ، هذا الشيطان الذي يجتهد ويقودك إلى معاصيك ،سيتبرأ منك يوم القيامة " وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"سورة ابراهيم
لنغتنم فرصة أننا مازلنا أحياء فنندم فنتوب الآن ونعود لله "وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ" سورة آل عمران
 لنغتنم الفرصة قبل فوات الأوان ، فلن ينفع الندم إذا حان الأجل ولن ينفع الندم  يوم القيامة "حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ *لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ" سورة المؤمنون
فلم ونحن نعلم كل ذلك نرضى لأنفسنا الهوان ، لماذا نقودها للهلاك والشيطان يقنعنا  أننا نُمتِّعها
يقول ابن قيِّم الجوزية
 ومِن العَجَائِب أنّ العَبْد يَسعَى بجُهدِه  في هَوَان نَفْسِه ، وهو يَزعُم أنَّهُ لها مُكرِم . ويَجتهِد في حِرمَانِها أَعْلى حُظُوظِها وأشْرَفها ، وهو يَزعُم أنَّهُ يَسعَى في حَظِّها. ويَبذُل جُهدَه في تَحقِيرِها وتَصغِيرِها وتَدنِيسِها،
وهو يَزعُم أنَّهُ يُعلِيها ويَرفَعُها ويُكبرُهَا!.. الداء والدواء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا للاهتمام والمتابعة

اذهب لأعلى الصفحة